version française ilboursa

حسام التويتي : الشروع في تنفيذ برنامج شامل لإعادة هيكلة جهاز المراقبة الاقتصادية

يتعرض جهاز المراقبة الاقتصادية في تونس إلى جملة من الانتقادات الواسعة من طرف أهم الفاعلين والمنظمات الاقتصادية في البلاد بكونه عجز عن التصدي بنجاعة وحسم لانفلات الأسعار وخاصة التصدي لتنامي وتغول المضاربين الذين نخروا السوق واربكوها عبر احتكار السلع والاضرار بتوازن والمعاملات النزيهة للسوق.

وعلى امتداد السنوات الفارطة وجد هذا الجهاز نفسه عاجزا بشريا ولوجستيا وقانونيا عن وقف تصاعد وتيرة الاحتكار وارتفاع عدد المضاربين والعاملين في السوق الموازية التي طغت على جل المعاملات التجارية في البلاد.

أمام التطورات التجارية والاقتصادية التي عرفتها تونس في العشرية الأخيرة من ارتفاع لافت لعدد نقاط البيع والمتدخلين سواء بطرق منظمة او موازية وبروز مجالات تجارية جديدة وخاصة طرق ملتوية، بات لزاما أن يزداد الضغط على أعوان المراقبة الاقتصادية ما دفع بالسلطات في البلاد الى إقرار برنامج شامل لإعادة هيكلة هذا السلك لكي يكتسب مزيدا من القوة والصلابة ليواجه المحتكرين والمضاربين في تونس.

مواكبة التحولات

وقال حسام الدين التويتي, مدير عام جهاز المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة التونسية, في حوار مع "البورصة عربي" أنه في ظل التحولات الحاصلة في السوق التونسية وتبعا لتعدد المهام المناطة بعهدة جهاز المراقبة الاقتصادية، يتم العمل على تجسيم مشروع لإعادة هيكلته تنظيميا ووظيفيا لإضفاء أكثر نجاعة على عمله وتعصير الخدمات التي يقدمها هذا الجهاز من أجل مزيد حماية السوق وحماية المستهلك مصالح اقتصاد البلاد.

وأفاد أن إعادة هيكلة هذا الجهاز يرتكز على محاور أساسيين يتعلق الأول بتطوير محيط عمل جهاز المراقبة الاقتصادية من خلال تعصير المنظومة التشريعية لمقاومة الاحتكار وتكريس شفافية ونزاهة المنافسة في السوق وتنظيم مسالك التوزيع.

ويتمثل المحور الثاني في إعادة الهيكلة المؤسساتية للجهاز التي تنبني على تعصير واشعاعه على محيطه الاقتصادي لخدمة الاهداف الاقتصادية للبلاد ورفع تحديات في ظل الأوضاع الراهنة التي انعكست سلبا على السوق.

ومن ملامح خطة تأهيل هذا الجهاز الذي يصفه المختصون بعصب القطاع التجاري في تونس، إعادة توسيع انتشاره الجغرافي عبر إحداث إدارات إقليمية ومحلية وتعصير أساليب العمل واعتماد مبادئ الحوكمة الرشيدة وحسن التنظيم وإعادة تكوين أعوان المراقبة ورسكلتهم لمواكبة مختلف التشاريع الاقتصادية في البلاد ذات الطابع الاقتصادي خاصة.

وكخيار استراتيجي قال حسام التويتي أنه سيتم اعتماد مبدا الرقمنة لتنظيم العمل وتعصير الجهاز كمصدر أساسي للمعلومات الاقتصادية التي تعد منطلقا لكل عمليات الرقابية في مقاربة ذات طابع استباقي لاكتساب المعلومات وتطوير القدرة الاستشرافية لاستباق كل الإشكاليات التي يمكن ان تطرأ على المعاملات في السوق وأيضا مقاربة لاحقة عبر توفير المعلومات الضرورية قبل كل عملية رقابية.

إحداث أقسام للاعتناء بملف الاحتكار

وسيكون التعصير من الجانب المؤسساتي بتطوير الهيكلة التنظيمية مركزيا وجهويا لهذا الجهاز من خلال إحداث اقسام او مكاتب للاعتناء بملفات كبرى على غرار ملف الاحتكار الآخذ في احتلال تموقع بارز في المشهد التجاري لتونس في السنوات الأخيرة.

وسترتكز خطة اعادة التعصير والتطوير أيضا عبر الذهاب أكثر الى التخصص في العمل لا التعاطي مع القطاعات الاقتصادية بطريقة موحدة من اجل مزيد تجويد العمل الرقابي وفق المسؤول. الى ذلك ستتمحور الخطة كذلك على تكوين الاعوان في مجال المنافسة بالتنسيق مجلس المنافسة (سلطة تعديلية) الذي يعتبر الرأس الثانية في سلطات المنافسة في تونس.

مضاعفة عدد الاعوان

ومن ناحية خرى انه لحسن تنفيذ برنامج إعادة هيكلة عمل جهاز المراقبة الاقتصادية أعلن حسام الدين التويتي انه سيقع الترفيع في عدد أعوان الجهاز لأجل حسن الانتشار الميداني والزمني في الأسواق ومسالك التوزيع ومراقبة الحركية التجارية والاستهلاكية في السوق.

ويقول حسام الدين التويتي "نحن نطمح في مرحلة أولى إلى مضاعفة هذا العدد من 600 عون حاليا الى 1200 عون عن طريق العديد من المسارات على غرار الحراك الوظيفي بنقل موظفين من وزارات وهياكل حكومية الى جهاز المراقبة الاقتصادية".

تغول المحتكرين

يجمع كل المختصين والمتابعين للملفات الاقتصادية في تونس على أن الاحتكار تغول أكثر من جهاز المراقبة الاقتصادية بشريا ولوجستيا ما جعل جهاز المراقبة الاقتصادية يعجز عن التصدي اليه بل ويضعف أمامه.

ويُعلَق مدير عام جهاز المراقبة الاقتصادية على هذه المسالة بان هناك برنامج لتطوير الإمكانيات اللوجستية للجهاز عبر تحسين كل ما يتعلق البنية التحتية الرقمية من وسائل التجهيزات المعلوماتية وتحسين المعدات السيارة عبر الشروع في تنفيذ برنامج لتعزيز اسطول السيارات واعتماد التكنولوجيات الحديثة عبر تطبيقات في الهواتف الذكية موضوعة على ذمة أعوان المراقبة الاقتصادية لمزيد اسنادهم في مهامهم الميدانية وتوثيق المعاينات واخذ خطوة استباقية.

واكد أن مسار الرقمنة انطلق على مستوى جهاز المراقبة الاقتصادية منذ فترة من خلال تطوير تطبيقات ومنظومات معلوماتية ستسمح من إضفاء أكثر نجاعة على عمل الجهاز وربح إمكانيات بشرية لتوظيفها في العمل الميداني وتوسيع التغطية الميدانية والقطاعات التجارية.

برنامج متواصل

وعن خارطة طريق تنفيذ برنامج إعادة هيكلة جهاز المراقبة قال المتحدث انه انطلق فعليا منذ عام 2022 وهو أحد ركائز برنامج الإصلاحات الاقتصادية للحكومة الحالية للإنقاذ الاقتصادي.

وسيتواصل برنامج إعادة تأهيل جهاز المراقبة الاقتصادية على مدار السنوات الثلاث القادمة بصفة تدريجية وإصدار كل النصوص القانونية والتنظيمية التي تكرس هذا التمشي في اتجاه تطوير أساليب التدخل المعمول بها حاليا واستيعاب كل الممارسات المعمول بها في السوق.

صلاحيات قانونية

وعما إذا سيرتكز إعادة هيكلة جهاز المراقبة الاقتصادية اسناد أكثر صلاحيات قانونية له كشف حسام الدين التويتي ان أعوان المراقبة الاقتصادية يتمتعون بالضابطة العدلية ولهم كل الصلاحيات القانونية للقيام بأعمالهم على مستوى الحجز ومداهمة المستودعات غير القانونية وتحرير المخالفات الاقتصادية.

وتابع بالقول "نحن نطمح الى توسيع هذه الصلاحيات لتمكينهم من مواكبة كل المستجدات موضحا ان الجرائم الاقتصادية تتطور وتتغير باستمرار عبر أساليب ملتوية يعتمدها المحتكرون والمضاربون ولأجل ذلك يجب ان تتأقلم اساليب ومناهج العمل الرقابي هذه التحولات في جوانبها التشريعية والعملية والميدانية واللوجستية.

حاوره مهدي الزغلامي

تم النشر في 13/12/2022